ما تفعله في حياتك سيلاحقك دومًا... حتى لو فررت إلى داخل قبرك!
كانت ليلة استثنائية متفردة!
السماء صافية عميقة سوداء، ومرصعة بآلاف العيون المنمنمة البراقة. لا شوائب ولا غيوم ولا قمر.
الأجواء وديعة باردة....
وعلى الأرض سكون تام. كل شيء هادئ ومستكين وصامت.
البنايات مظلمة، والمحال والمطاعم والمقاهي مغلقة. أعمدة الإنارة تضيئ طرقات خالية وكأن أهل المدينة قد رحلوا عنها!
في الليالي السابقة، وفي أي وقت من الليل، من المستحيل أن تجد شارعًا يخلو من مشاة أو سيارات عابرة. أحاديث، أغان، صخب. ففي الليل لا ينام الناس كلهم، البعض يبقى متيقظًا لأي سبب؛ طبيب، خباز، شرطي، عاشق، لص. لكن هذه الليلة اختلف الأمر.
نعاس عنيف طاغ هاجم الجميع. تسرب في الأنفاس وسرى في الدماء، فأسكر العقول وأرخى الأجفان وأثقل الخطوات.
هرع الناس إلى منازلهم وفرشهم منهكين مذعنين. هجروا الشوارع والأرصفة، وأغلقوا المحال والمكاتب، وتركوا المقاهي والحانات والمطاعم. انفضت الاجتماعات، والزيارات، والحفلات، والأعراس، وسرادقات العزاء. توقفت المخابز والمصانع وأقسام الشرطة وطوارئ المستشفيات.
الكل فروا إلى أسرّتهم مترنحين مشوشين، لا يدرون ماذا حل بهم. ومن لم يستطع الذهاب إلى منزله افترش الأرض مكانه مستسلمًا راضخًا. كان الأمر أكبر وأعتى من أن يُقاوَم.
وفي النهاية، خمد الجميع. أغمضوا أعينهم وتساقطوا في النوم. نوم ثقيل عميق. نوم فريد، لم يمر على الناس مثله من قبل...
ثم بدأت بعدها حقبة أخرى...
حقبة تختلف كل الاختلاف عما سبق من حياة البشر!